التسوية الفلسطينية عبر الصندوق الانتخابي

بقلـم خالد دياب

قد حان الوقت لمحمود عباس أن يذهب بكرامته وفتح المجال للشعب لكي يقررعبر صندوق الاقتراع

29 October 2009

English version

تتراوح الملحمة المحزنة للشعب الفلسطيني، الذي تطاوله لعنة الزعامة السيئة، بين المأساة والفشل المضحك. وكأنما التعامل مع احتلال مدمّر ومقاطعات وإغلاقات وفصل كامل للضفة الغربية عن غزة هي أمور غير كافية خلال السنتين الماضيتين، شهد الفلسطينيون الطرفين اللذين يفترض أنهما يمثلانهم ينحدران إلى دَرَك الطائفية التافهة والدموية.

ومما زاد الطين بلّة أن أحد الطرفين عملي براغماتي ومعتدل، ولكنه فشل في إيصال السلام أو تحسين مستوى الحياة للفلسطينيين. بدلاً من ذلك أصبح متعالياً عن الشعب ينخره الفساد حتى العظام ويُنظر إليه بشكل واسع، رغم جميع المعونات والأموال الدولية تنساب إلى خزينته والجنرال الأمريكي كيث ديتون يسيطر بشكل ملموس على قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، على أنه أصبح نوعاً من قوات المرتزقة تعمل لصالح الاحتلال الإسرائيلي.

إلا أن الصفيح الحامي للسلطة الفلسطينية التي تديرها فتح قد تثبت أنها لا شيء مقارنة بنار حركة المقاومة الإسلامية (حماس). قد تكون حماس أقل فساد، حتى الآن على الأقل، إلا أنها متطرفة عقائدياً بشكل جنوني، وتعمل بجد للتخلص من كل ما يقف أمامها في غزة، وقد بدأت بتحديد حريات الفلسطينيين في غزة، وخاصة النساء. وإذا أخذنا بالاعتبار رفضها إسرائيل كدولة يهودية، فهي أيضاً أقل استعداداً للتوصل إلى تسوية مع الإسرائيليين وبالطبع، لم تفعل إسرائيل والمجتمع الدولي أي شيء للتجاوب مع عروض حماس المبكرة نحو الاعتدال وقامت بدلاً من ذلك بمعاقبة غزة، الأمر الذي أدى إلى تصلّب الحركة في موقفها وطروحاتها.

بوجود هذا السم والمرارة يملآن الجو، ربما كان من التفاؤل توقع نجاح جهود مصر، رغم تجربة الدولة الطويلة كوسيط، لترتيب هدنة بين الطرفين، خاصة أن تحول الرئيس الأمريكي باراك أوباما في طرحه لم يرَ أي تغيّر في الواقع.

انهارت المحادثات ظاهرياً نتيجة لغضب حماس حول تأخّر السلطة الفلسطينية في الموافقة على تقرير غولدستون حول جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة، الذي ينتقد حماس كذلك (ولو كان لدرجة أقل) لاستهدافها المدنيين الإسرائيليين، وقد ذهبت الحركة إلى درجة اتهام الرئيس الفلسطيني محمود عباس بخيانة ضحايا الهجوم الإسرئايلي.

إلا أنه، وإذا أخذنا بالاعتبار الاختلاف الأساسي بين الفصيلين وكيف تبدو حماس أنها تريد تسلّم دفة حكم القضية الفلسطينية، كان يمكن أن يكون الأمر مختلفاً تماماً. لذا وحتى لو تمكن الدبلوماسيون المصريون من إخراج أرنب من القبّعة، يمكن لأية صفقة أن تنهار بسرعة، خاصة وأن الثقة بكل من فتح و المصريين، الذين يُنظَر إليهم كعملاء لأمريكا ومتعاونين مع إسرائيل من قبل أجزاء معينة من الفلسطينيين والشعب العربي الأوسع، منخفضة.

من الواضح جداً أن عباس، الذي ما فتئ موقفه يتغير مع هبوب الريح، فقد السيطرة على مجريات الأمور، ولم يعد أي طرف يدعم رئاسته سوى الأمريكيين والإسرائيليين. إلا أن هذا الدعم يُساء توجيهه. قد يخدم وجود زعيم فلسطيني ضعيف لا يتمتع بأية شعبية مصالح المتطرفين الذين تشكل احتمالات الاقتتال الفلسطيني الداخلي أمراً مناسباً لهم، ولكنها لا تفعل سوى القليل لدفع الاحتمالات بعيدة المدى للسلام.

بالنسبة لتفكيري شخصياً فقد حان الوقت لعباس، الذي كان يتمتع باحترام لكونه المهندس الرئيسي لمعاهدات أوسلو، الذي أنتج بصعوبة شديدة خريطة لسلام شامل مع يوسي بيلين، دُمرت بعد اغتيال يتسحاق رابين، أن يذهب بكرامته وفتح المجال للشعب لكي يقرر.

لقد صرح عباس وبشكل متكرر أن الأسلوب الوحيد للخروج من هذا الجمود مع حماس هو عبر صندوق الاقتراع. ولكن بدلاً من تأجيل الانتخابات حتى منتصف السنة القادمة كما اقترحت مصر، يتوجب عقدها كما هو مقرر في شهر كانون الثاني/يناير، أو حتى قبل ذلك إن أمكن. يتوجب على عباس في هذه الأثناء أن يستقيل ويحافظ على منصبه فقط كرئيس انتقالي إلى حين انتخاب رئيس جديد.

إضافة إلى ذلك فإن القضايا التي تواجه الفلسطينيين أكثر خلافية وتعقيداً من أن تترك لطرف واحد ليقررها. وأنا أومن أن سلسلة من الاستفتاءات التي يمولها المجتمع الدولي، يجب عقدها حول أسئلة حاسمة مثل السلام أو الحرب: التفاوض مقابل المواجهة، العنف مقابل اللاعنف، دولتان أو دولة واحدة، حقوق مدنية أو وطنية، القدس، اللاجئين … الخ. كذلك عدم إجراء عملية مماثلة بين الإسرائيليين بهدف بلورة نوع المستقبل الذي يرغبونه.

يمكن للمفاوضين الإسرائيليين والفلسطينيين، المسلّحين بتعبير واضح كهذا للعزيمة الشعبية، أن يشاركوا في تكليف واضح، مع افتراض أن رؤية كل من الطرفين للمستقبل متناسقة أو على أقل تقدير قابلة للتسوية.

شخصياً، آمل ألا تربح لا فتح ولا حماس الانتخابات. يستحق الفلسطينيون تغييراً في الحرس.

This article was written for the Common Ground News Service (CGNS). It has appeared in the Amman Times and other publications.

Author

  • Khaled Diab

    Khaled Diab is an award-winning journalist, blogger and writer who has been based in Tunis, Jerusalem, Brussels, Geneva and Cairo. Khaled also gives talks and is regularly interviewed by the print and audiovisual media. Khaled Diab is the author of two books: Islam for the Politically Incorrect (2017) and Intimate Enemies: Living with Israelis and Palestinians in the Holy Land (2014). In 2014, the Anna Lindh Foundation awarded Khaled its Mediterranean Journalist Award in the press category. This website, The Chronikler, won the 2012 Best of the Blogs (BOBs) for the best English-language blog. Khaled was longlisted for the Orwell journalism prize in 2020. In addition, Khaled works as communications director for an environmental NGO based in Brussels. He has also worked as a communications consultant to intergovernmental organisations, such as the EU and the UN, as well as civil . Khaled lives with his beautiful and brilliant wife, Katleen, who works in humanitarian aid. The foursome is completed by Iskander, their smart, creative and artistic son, and Sky, their mischievous and footballing cat. Egyptian by birth, Khaled's life has been divided between the Middle East and Europe. He grew up in Egypt and the UK, and has lived in Belgium, on and off, since 2001. He holds dual Egyptian-Belgian nationality.

For more insights

Sign up to receive the latest from The Chronikler

We don't spam!

For more insights

Sign up to receive the latest from The Chronikler

We don't spam!

You may also like

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.

error

Enjoyed your visit? Please spread the word