سبيل للخروج من فوضى الشرق الأوسط
يناقش خالد دياب بأن انتشار الأسلحة النووية سوف يستمر طالما استمرّينا في التعامل مع ترسانة إسرائيل النووية
5 May 2010
إنه لتغيير مرحّب به أن يكون الرئيس الأمريكي باراك أوباما ليس فقط ملتزم بوقف انتشار الأسلحة النووية وإنما يدرك كذلك أن عدم انتشارها يبدأ في وطنه. مقارنة مع سابقه جورج دبليو بوش، الذي مزّقت إدارته العديد من المعاهدات التي وقعتها واشنطن حول الموضوع، وأعلنت عام 2003 أن الولايات المتحدة ستبدأ بتطوير جيل جديد من الأسلحة النووية الصغيرة “التكتيكية” والتي يمكن عملياً استخدامها في ساحة المعركة، وقّع أوباما معاهدة أسلحة نووية تاريخية مع روسيا.
تتميز هذه المعاهدة بقوانين غريبة في أعداد الأسلحة، وتبقى الولايات المتحدة وطناً لأكبر ترسانة نووية في العالم، والدولة الوحيدة التي استخدمت فعلياً القنابل الذرية في حروبها. إلا أن التزام واشنطن بترتيب بيتها الداخلي كان وراء النجاح النسبي لقمة الأمن النووي هذا الشهر، والذي حضره قادة من أكثر من 47 دولة.
وقد لوحظ غياب إيران، التي عقدت اجتماعاً بديلاً خاصاً بها حول نزع السلاح. ورغم أن هذا اللقاء أبرز نفاق القوى النووية في عدم رغبتها الالتزام بوضوح بنزع الأسلحة النووية، إلا أن التجمع لم يفعل سوى القليل لإزالة مخاوف واشنطن فيما يتعلق بطموحات إيران النووية. ورغم أن طهران تدّعي أن برنامجها النووي هو للاستخدامات المدنية فقط، إلا أن الطروحات العدائية للنظام الإيراني، وبالذات باتجاه إسرائيل، شجعت مخاوف بعض ذوي العلاقة من أن إيران تنوي سراً صنع قنبلة نووية.
كان غياب رئيس وزراء إسرائيل أمراً ملحوظاً آخر في قمة أوباما. كان بنيامين نتنياهو قد رفض الحضور، مشيراً إلى مخاوف من أن تتعرض بلده لانتقادات الدول العربية والإسلامية، وبالذات تركيا ومصر. إضافة إلى ذلك، قاوم وزير الدفاع إيهود باراك نداءات متجددة لإسرائيل بالانضمام إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية. وهي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي لم توقع على المعاهدة.
لم تذكر لا مصر ولا تركيا إسرائيل، رغم أن الوفد السعودي وصف الترسانة النووية الإسرائيلية على أنها “عائق أساسي أمام تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط”.
وهو على حق. فرغم أن إسرائيل ما زالت مصرة على تبني سياسة الغموض الرسمية، يقدّر الخبراء أن الدولة حصلت على قدرات نووية بعد حرب عام 1967 بفترة وجيزة، وأنها تملك اليوم حوالي 200 رأس نووي حربي، مما يضعها بين الدول النووية الستة الأولى، بعد المملكة المتحدة.
تشكل ترسانة إسرائيل النووية فيلاً مشعّاً في الغرفة، وتؤخّر جهود تحويل الشرق الأوسط الملتهب إلى منطقة منزوعة السلاح النووي، وتوفر لجيرانها حافزاً للحصول على قدرات خاصة بهم.
لا يحتاج الأمر لذكاء خارق لإدراك أن ترسانة إسرائيل النووية تجعل من الشرق الأوسط مكاناً أكثر خطورة وقابلية للانفجار. ويدرك حتى أصدقاء إسرائيل ذلك. على سبيل المثال توقَّع تقرير لوكالة الاستخبارات الأمريكية عام 1963 بأن إسرائيل نووية سوف تستقطب المنطقة وتزعزع الاستقرار فيها، وتجعل على الأرجح “سياسة إسرائيل مع جيرانها … أكثر صعوبة”.
كذلك تطرّق التقرير لمخاطر حاضرة، مثل سعي عربي محتمل لقوة “ردع” خاصة بهم. ومن الأمثلة على ذلك برنامج ليبيا النووي السري، الذي وافقت طرابلس على تفكيكه في كانون الأول/ديسمبر 2003. وكان الرئيس الليبي معمر القذافي قد أعرب منذ سبعينات القرن الماضي عن رغبته في الحصول على قدرات نووية، جزئياً بهدف مجابهة إسرائيل.
وطالما تتمسك إسرائيل بترسانتها النووية فلن يذهب شبح انتشار الأسلحة النووية بعيداً. تدفع الحكومات العربية ومعها إيران منذ ثلاثين سنة على الأقل باتجاه شرق أوسط خالٍ من الأسلحة النووية. لا يمكن بالطبع تناسي أن بعض الحكومات تحفزها على ذلك عدم القدرة وليس المبادئ، أو قد تجد القضية النووية أداة دبلوماسية مفيدة ضد إسرائيل.
رغم ذلك، إذا كانت إسرائيل قلقة من إيران نووية، أو احتمالات حصول أنظمة أخرى في الشرق الأوسط على القنبلة الذريّة، فإن أفضل طريقة لتجنب ذلك هو إطلاق دائرة فعّالة بأن تعرض التخلي تدريجياً عن ترسانتها النووية وتوقيع معاهدة شرق أوسط خالٍ من أسلحة الدمار الشامل، مثلها مثل بقية الدول في المنطقة، مقابل تأكيدات إيرانية راسخة تحت إشراف دولي.
ولتحقيق ذلك، يمكن إنشاء منبر إقليمي يسبق المعاهدة، برعاية الوكالة الدولية للطاقة النووية والأمم المتحدة، وربما الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للاتفاق على آلية شفافة ثابتة عادلة لفتح المرافق النووية في المنطقة أمام إشراف دولي محايد. تقوم هذه المبادرة بالتفاوض على برنامج زمني للإلغاء التدريجي للترسانة الإسرائيلية وأي برنامج ثنائي الاستخدام مشكوك فيه، وفي الوقت نفسه توفير دعم دبلوماسي وأمني لإزالة مخاوف الإسرائيليين وغيرهم من اللاعبين الإقليميين.
This article was written for the Common Ground News Service and was published on 29 April 2010.